أخبار وطنية

تونس : العمل على استمرار عملية قنص الكلاب السائبة 

today15 يوليو، 2024 15

Background
share close

تونس : العمل على استمرار عملية قنص الكلاب السائبة  

انتشرت الكلاب السائبة في تونس العاصمة والمدن الكبرى الأخرى حتى باتت تشكل تهديدا حقيقيا للمتساكنين في الأحياء الفقيرة كما الأحياء الراقية، ويزداد خطرها على النساء والأطفال في أوقات تكون فيها الشوارع خالية من المارة الذين يمكن أن بعضهم قد تعرض لمداهمة من قبل هذه الحيوانات المسعورة.

تونس – ما زالت ظاهرة الكلاب السائبة التي تجوب شوارع تونس وأزقّتها تقلق المواطنين، وتمثّل خطرا حقيقيا على سلامتهم الجسديّة والنفسية، وسط دعوات المراقبين إلى ضرورة تدخّل هياكل الدولة ومعاضدة جهود مكوّنات المجتمع المدني في معالجة الظاهرة.

واستشرت ظاهرة الكلاب السائبة خلال السنوات الأخيرة بالعاصمة بشكل ملحوظ وبلغت تجمعات منها قلب العاصمة، ثم لوحظ تراجع في أعدادها نتيجة حملات المقاومة.

وترى جمعيات تونسية تعنى بالاهتمام بالكلاب السائبة أن الدعوات المتصاعدة لقتل الكلاب في الفترة الأخيرة لا يمكن أن تكون حلاّ جذريا لتجاوز الظاهرة بقدر ما يمكن أن تعمّق الأزمة، في وقت تقود فيه المناطق البلدية حملات مكثّفة لقنص الكلاب بغية التصدي لتفشي داء الكلب الخطير.

وتنقل الكلاب داء الكلب إلى الإنسان والحيوانات الأخرى عن طريق العض أو الخدش أو اللعق وتبقى السبب الرئيسي إلى جانب القطط في وفاة الأشخاص بداء الكلب، بنسبة 99 في المئة، وفق المنظمة العالمية للصحة.

منية ملاّح: الظاهرة مقلقة جدّا لكن قد نجد حلولا بديلة عن قنص الكلاب
وتشير أرقام رسمية إلى وجود، أكثر من 520 ألف كلب في تونس، كما بلغ معدل تغطية التلاقيح التي تمثل عدد الكلاب والقطط التي تتم تربيتها 79.1 في المئة عام 2023.

ودعت ولاية تونس المصالح المعنية بمقاومة ظاهرة الكلاب السائبة ومنع انتشار داء الكلب إلى تكثيف جهودها وتوفير الدعم المادي والبشري لإنجاز حملات مقاطعة للحد من الكلاب السائبة المنتشرة بالعاصمة.

وشددت ولاية تونس في بلاغ نشر على موقعها للتواصل الاجتماعي فيسبوك برئاسة الكاتب العام المكلف بتسيير شؤون الولاية فارس الماجري على ضرورة المتابعة اليومية لحملات مقاومة الكلاب السائبة.

من جهتها، أوضحت بلدية تونس، الشريك الرئيسي للمتدخلين في عمليات مقاومة ظاهرة الكلاب السائبة أن التدخلات أسفرت خلال شهر يونيو الماضي عن القضاء على 276 كلبا سائبا بواسطة القنص في عديد الدوائر التابعة للبلدية، وقنص 65 منها وفحصها ليتضح أن 62 منها مريضة مما استوجب القضاء عليها بواسطة القتل الرحيم وإخضاع 3 إلى المداواة من الطفيليات التي تحملها.

وأضافت البلدية أن المركز البلدي المختص في تلقيح الكلاب والقطط يقوم كل يوم ثلاثاء وخميس بعمليات تلقيح مجانية لهذه الحيوانات، مشيرة إلى أن مصالحها تنظر في كل العرائض الواردة عليها حول أماكن تواجد الكلاب السائبة وتقوم بالمعاينات وتتخذ الإجراءات اللازمة للتدخل.

وتعد الوضعية البيئية الكارثية من بين أهم الأسباب الكامنة وراء التزايد المطرد في عدد الكلاب السائبة في تونس. وتتغذى هذه الكلاب، أساسا، من الفضلات المنزلية ومن بقايا الطعام الملقاة في شوارع المدن.

وكشف حسن بن فرج، وهو أحد المواطنين بمنطقة المنيهلة التابعة لمحافظة أريانة القريبة من العاصمة تونس، أنه “اضطر لتغيير طريق الذهاب والعودة إلى بيته بسبب تكاثر الكلاب بالحي الذي يقطنه”، موضحا أن “منزله يقع بالقرب من رقعة ترابية إذا سلكها يوفر وقتا في الوصول إلى الطريق العام، لكن مع خروج تلك الكلاب في أكثر من مناسبة ومحاولتها الهجوم عليه قرر أن يسلك طريقا أطول كما أنه يتقاطع مع طريق سريعة أين تكثر حوادث السير”.

وقال في تصريح لـ”العرب” إن “عدم تأمين الطريق من هذه الحيوانات مع غياب التعامل معها بجدية كافية أفرزا تزايدا لأعدادها مع الوقت”، مشيرا إلى أنه “تعرض مؤخرا لحادث سير كاد يودي بحياته بسببها، فهي وراء قراره مقاطعة الطريق المختصرة الآمنة لمنزله.”

شاردة تحتاج إلى رعاية
وأضاف أن “منزل ابنته المتزوجة وهي أم لثلاثة صغار يقع بأحد الأحياء القريبة من منزل العائلة وكانت في السابق تقوم بزيارتهم بشكل شبه يومي، إلا أن زياراتها باتت قليلة بسبب تعرضها في إحدى المرات لهجوم من قبل كلب سائب ولولا تتدخل بعض المارة لكان قد عضّ ابنها”، متابعا “نحن الآن في فصل الصيف وهو من بين أكثر الفصول التي يتبادل فيها الأقارب والأصدقاء الزيارات وأيضا الخروج للتنزه ليلا، لاسيما بعد يوم قائظ، لكن وجود هذه الكلاب يجعنا نعيد حساباتنا خصوصا في وجود أطفال”.

وفي يونيو الماضي، توفّي مؤذن بجامع في منطقة السواسي من ولاية المهدية (شرق) أثناء عودته إلى منزله بعد صلاة الصبح، أين تعرّض لهجوم من قبل مجموعة من الكلاب السائبة أمام المستودع البلدي بالجهة.

وأوضح الناطق الرسمي باسم محاكم المنستير والمهدية، فريد بن جحا، في تصريح إعلامي لإذاعة محلية أن “الضحية قد تعرّض للنهش والعض من كلاب يبدو وأنها تابعة للمستودع البلدي في أماكن مختلفة من جسده”.

وأضاف أنه “قد تحامل على نفسه وقصد بعد ذلك المستشفى، لكنه توفي متأثرا بالجروح التي تعرّض لها”.

وأكد بن جحا أنه “تم عرض الجثة على الطبيب الشرعي وفتح تحقيق، كما تعهدت الشرطة العدلية بالمهدية بالبحث بمواصلة الأبحاث لتحميل المسؤوليات والجهات التي تركت الكلاب سائبة”.

وتشرف وزارة الزراعة التونسية على عمليات تلقيح الكلاب السائبة بشكل مجاني، في إطار حملة سنوية خلال أشهر ديسمبر ويناير وفبراير، كما تؤمن عمليات التلقيح بكافة المراكز الراجعة لها بالنظر على امتداد السنة.

وسجلت تونس خلال سنة 2023 ست وفيات تبعا للإصابة بداء الكلب مقابل خمس وفيات في 2022، وأن أكثر من 43 ألف شخص تم تلقيحهم ضد داء الكلب في 2023.

وقالت منية ملاّح نائبة رئيس جمعية حماية الحيوانات بالزهراء في تونس إن ” الجمعية متكونة من 6 أفراد وبدأنا نشاطنا منذ مدة حول الكلاب السائبة، وهي ظاهرة مقلقة جدّا لكن قد نجد حلولا بديلة عن قنص الكلاب”.

وأضافت لـ”العرب”، “الجمعية تأخذ الكلب السائب وتجري له تلقيحا مع تعقيمه، ثم تعيده إلى المكان الذي وجدته فيه مع وضع علامة في أذنه حتى يكون مختلفا عن البقية، كما أن عملية التعقيم تقلّص من درجة عدائية الكلب”.

خطر دائم
وتابعت منية ملاّح “الكلاب يبحثون عن الأكل في الشوارع وخصوصا في سلال الفضلات والمصبات في الأحياء، وبالتالي وجب التكثيف من الحملات التحسيسية حتى يعرف المواطنون كيف يتعاملون مع الكلاب السائبة”، لافتة إلى أن “الكلب السائب تتراوح مدة حياته بين 3 و4 سنوات”.

وأوضحت أن “المجتمع المدني بمنظماته وجمعياته يعاضد جهود الدولة التي أصبحت مطالبة بوضع مراكز تعقيم في كل البلديات، إلى جانب بناء أماكن خاصة لإيواء الكلاب السائبة”. واستطردت قائلة “الكلاب السائبة دائما تكون موجودة لتحقيق التوازن الطبيعي”.

وفي وقت سابق، أكد عميد الأطباء البياطرة التونسيين أحمد رجب أنّ عملية قنص الكلاب في تونس لمواجهة انتشار داء الكلب هو إجراء صحي وقانوني، مشيرًا إلى أن 60 في المئة من الأمراض منقولة من الحيوان إلى الإنسان.

وأوضح في تصريح إعلامي أنّ مرض الكلب عاد للانتشار في تونس بشكل لافت بعد وفاة 6 أشخاص بهذا المرض سنة 2023 إضافة إلى تسجيل حالة وفاة في 2024 مع إصابة أكثر من 20 حيوان، واصفًا الوضع بـ”الكارثي”.

وتابع قائلاً “من المفروض أن يكون هذا المرض منسيا في تونس لكن في الحقيقة هو منتشر الآن والوضع كارثي والحل هو قنص الكلاب التي تحمل المرض لأن التلقيح في بعض الأحيان لا يكون ناجعًا”.

وأوضح عميد الأطباء البياطرة أنّ الأمراض المعدية تقاوم في إطار صحة واحدة وعمل تشاركي بين عديد الأطراف على الصعيد المحلي والجهوي والعالمي لحماية صحة الإنسان والحيوان والبيئة.

وتؤكد أرقام وزارة الصحة في تونس إلى تجاوز عدد الأشخاص الذين تمت مهاجمتهم من قبل حيوانات مشبوهة بإصابتها بداء الكلب 30 ألف حالة في 2010 إلى 42 ألف حالة في 2022، وكانت الكلاب السائبة وراء 31 في المئة من هذه الحالات.

Written by: dream fm

Rate it

0%