وبالاطلاع على الاحصائيات الالكترونية لقضايا الشيك دون رصيد المحكوم فيها غيابيا بالسجن مع النفاذ العاجل يتضح اليا بلغت سنة 2023/2022 حوالي 36620 قضية في حين ان عدد المعنيين بتلك القضايا بلغ 9945 فيما بلغ في السنة التي تسبقها 10873. ويلاحظ ان عدد القضايا المذكورة يقترب من العدد المسجل خلال سنة 2019/2018 التي شهدت صدور 36980 حكم غيابي بالسجن مع النفاذ العاجل .
وتعتبر سنة 2022/2021 اكثر سنة صدرت فيها احكام غيابية بالسجن مع النفاذ العاجل في حين سجل سنة 2020-2021 اقل عدد من المحكومين ويرجع ذلك اساسا الى تداعيات جائحة كوفيد-19 وتأثيرها على الدورة الاقتصادية وصدور مرسوم من رئيس الحكومة عدد 8 لسنة 2020 مؤرخ في 17 افريل 2020 يتعلق بتعليق الإجراءات والاجال بالشيكات دون رصيد خلال فترة الجائحة.وبلغ اقصى حكم 658 عاما وشهرا واحدا، حسب المصدر ذاته .
ويطرح الشيك دون رصيد إشكاليات وتداعيات على الاقتصاد الوطني اذ ان الشيكات المعروضة سنة 2022 على الخلاص قد بلغ 3ر25 مليون شيك بمبلغ جملي قدره 4ر118 الف مليون دينار، حسب وزارة العدل.
في حين ان الشيكات الراجعة دون خلاص (المرفوضة ) قد بلغت 400 الف شيك بمبلغ جملي يقدر بحوالي 2900 مليار دينار أي بنسبة 5ر1 بالمائة من العدد الجملي للشيكات و4ر2 بالمائة من قيمتها الجملية .
ويبلغ عدد القضايا المفصولة في مادة الشيك دون رصيد في نفس السنة 218 الف و259 ملف.
وعلى مستوى الأقاليم، فان جريمة اصدار شيك دون رصيد ترتكب سواء بمناطق الشمال (تونس الكبرى ونابل) او الجنوب (صفاقس وقابس ومدنين..). وفي المقابل فان المناطق التي ترتكب فيها الجريمة المذكورة هو إقليم الشمال الغربي (بنزرت وباجة وجندوبة والكاف).
وبلغ عدد المودعين بالسجون من اجل جريمة اصدار شيك دون رصيد بتاريخ 11 افريل 2024 جوالي 496 منهم 292 المودعين المحكومين و204 المودعين الموقوفين.
علما ان الشيك كورقة تجارية يحتل مكانة هامة في الدفوعات اذ يمثل 39 بالمائة من العدد الجملي للدفوعات ويستأثر بنسبة 55 بالمائة من اجمالي مبلغ الدفوعات بعنوان سنة 2022.
وقد تطورت المقاربة الوطنية لمعالجة اصدار الشيك دون رصيد حيث كانت جريمة اصدار الشيك دون رصيد في القانون عدد 129 المؤرخ في 5 أكتوبر 1995 تشبه بالتحيل وتنطبق عليها احكام الفصل 291 من المجلة الجزائية وفي سنة 1970 تمت إضافة ركن سوء النية الى جريمة اصدار شيك دون رصيد وتم سنة 1977 الرجوع الى الصياغة الاصلية للفصل كما وردت اثناء صدور المجلة التجارية.
وبمقتضى التنقيح 11 اوت 1985 اصبح « يعاقب بالسجن مدة 05 أعوام وبخطية قدرها 03 الاف دينار دون ان تقل عن مبلغ الشيك او قيمته : كل من اصدر شيكا ليس له رصيدا سابقا »- ثم في سنة 1996 اصبح « يعاقب بالسجن…وبخطية تساوي مبلغ الشيك او باقي قيمته : ..لا تضم العقوبات الواردة بهذا القسم لبعضها، غير انه اذا تجاوز مجموع العقوبات المحكوم بها عشرين عاما سجنا فللمحكمة ان تضم هذه العقوبلات لبعضها على الا ينجر عن الحكم النزول بمجموع العقوبات الى اقل من عشرين عاما.
وفي تنقيح سنة 2007 اصبح يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية تساوي 40 بالمائة من مبلغ الشيك او من باقي قيمته على ان لا تقل عن عشرين بالمائة من مبلغ الشيك او باقي قيمته : كل من كل من قبل شيكا صادرا في الأحوال المبينة بالفقرة السابقة مع علمه بذلك ..ولا تنطبق احكام الفصل 53 من المجلة الجزائية على العقاب المالي المنصوص عليه بالفقرة الأولى من هذا الفصل.
يجدر التذكير ان مجلس نواب الشعب شرع صباح الثلاثاء خلال جلسة عامة بباردو بحضور وزيرة العدل ليلى جفال، في النظر في مشروعي القانونين عدد 51/ 2024 و60/ 2024 المتعلقين تباعا بتنقيح أحكام الفصل 411 من المجلة التجارية والمتعلق بتجريم اصدار شيك دون رصيد وتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها ، واللذين يشكلان محور اهتمام للرأي العام.
وتضمن مشروعا القانونين مراجعة شاملة لاحكام المجلة التجارية المتعلقة بالشيك، شملت خاصة مراجعة الفصل 411 بتعديل اركان الجريمه وتعديل نظام العقوبات المقررة.
كما تضمن احكاما لتسوية وضعية المحكوم عليهم ومن كانوا محل تتبع قضائي من اجل جريمة اصدار شيك دون رصيد ، إضافة الى جملة من الإصلاحات تتمثل في تعزيز واجبات المصرف ومسؤوليته وتحسين الممارسات المصرفية وتدعيم الوظيفة الاقتصادية والاجتماعية للمؤسسات البنكية.