أزمة المهاجرين الأفارقة بين التوطين داخل تونس و الترحيل
كشف رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبد الكبير في تصريح خاص لبوابة تونس، أنّ أعدادا كبيرة من المهاجرين الأفارقة غير النظاميين الموجودين على التراب التونسي، وخاصة بمناطق “العامرة” و”جبناينة” بولاية صفاقس، رحلوا من دول الخليج العربي، وتحديدا من السعودية والإمارات والكويت، إثر إنهاء إقامتهم وعقود عملهم في تلك البلدان، نتيجة سياسة إحلال اليد العاملة الوطنية في عديد القطاعات عن الوافدين، ما أدى إلى مغادرة الآلاف من الأفارقة من جنوب الصحراء ممن كانوا يعملون في قطاعات اقتصادية مختلفة.
وأوضح عبد الكبير أنّ كثيرا من هؤلاء الأفارقة من جنوب الصحراء كانوا يعملون في السعودية والإمارات والكويت في شركات الحراسة والخدمات، والمطاعم والنقل وحتى مجالات أخرى، مضيفا أنّ أغلبهم غير مستعدين للعودة إلى بلادانهم الأصلية نتيجة تحسّن ظروفهم المعيشية نسبيا في الخليج وتغيّر أوضاعهم، وبالتالي باتوا يرفضون العودة إلى أوطانهم، حيث سيواجهون مجدّدا مشاكل البطالة والفقر والأوضاع المتردية، ما دفعهم إلى التوجّه إلى ليبيا والجزائر ودول أخرى محاذية لتونس على أمل العبور باتجاه الضفة الشمالية للمتوسط.
وتابع: “في السنتين الماضيتين قرّرت الإمارات والسعودية والكويت الاستغناء عن أعداد كيرة من الأفارقة من جنوب الصحراء ووقع ترحيلهم، لكن أغلبهم رفضوا
وبيّن رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان أنّ الصائفة الماضية شهدت نسقا كبيرا من رحلات الهجرة السرية التي تمكّنت من الوصول إلى السواحل الإيطالية، وهو ما زاد من حجم تدفّق هؤلاء المهاجرين إلى التراب التونسي.
واستدرك قائلا: “لذلك قامت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني باستباق الأمر وقامت بأربع زيارات إلى تونس في وقت قصير، وإمضاء اتفاقية التعاون مع الرئيس قيس سعيّد، في محاولة لتحويل تونس إلى مكان احتجاز لهؤلاء المهاجرين، حيث يدخلون برا عبر الحدود، ولكن لا يُسمح لهم بعبور الحدود البحرية باتجاه أوروبا، وبالتالي يتحوّل الأمر إلى عملية إغراق للبلاد بأعداد كبيرة من هؤلاء المهاجرين غير النظاميين”.
وكان رئيس المصرد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبد الكبير، قد افاد في تصريح سابق لبوابة تونس، بأنّ عدد المهاجرين الأفارقة غير النظاميين الموجودين على التراب التونسي يقدّر بحوالي 110 آلاف شخص، يتوزعون بين عدد من الولايات والمناطق، أبرزها حواز ولاية صفاقس حيث يقيم هناك حوالي 35 ألف شخص، تليها ولايات تطاوين ومدنين وقابس التي يقيم فيها حوالي 20 ألف مهاجر من جنوب الصحراء، ومن ثم قفصة وسيدي بوزيد والكاف، حيث تشير التقديرات إلى وجود 15 ألف شخص، فيما يتوزّع العدد المتبقي في منطقة تونس الكبرى.
وتسبب وجود آلاف المهاجرين بمنطقتي العامرة وجبنيانة بأحواز ولاية صفاقس منذ قرابة السنة في حالة من الاحتقان والتوتر ، وسط تصاعد المطالبات بإجلائهم عن المنطقة من جانب المواطنين وممثلي المجتمع المدني. العودة إلى بلدانهم الأصلية بعد سنوات من الإقامة في الخليج تغيّرت خلالها حياتهم وأوضاعهم، فتوجّهوا إلى الجزائر وليبيا ودول أخرى قريبة من تونس، وبقدرة قادر فُتحت الحدود ما أدّى إلى دخول الآلاف منهم، بهدف العبور إلى إيطاليا وأوروبا”.